التقيت به عند باب المسجد
، كان يشبهني ، معتدل القامة ،عريض المنكبين ، تعلو رأسه شعيرات من الشيب
، يختلف عني بقرنين صغيرين في مقدمة رأسه ، يتحرك أمامي كظلي ، أميل صوب
اليمين يميل معي ، أتحرك صوب اليسار يتحرك معي، أخطو خطوة إلى الأمام يخطو
خطوة إلى الخلف .
سألته
قائلا : من أنت ؟ رد علي بصمت أنا قرينك، هزني الخوف من تلابيب فؤادي ،
شعرت بقشعريرة في جسمي ،دست عليه استدار و اعترض طريقي ،كشر على أنيابه
،فار الغضب من عينيه، لهيب النار يفوح من فمه، هم بالانقضاض علي وطحن
عظامي ، توقف وفكر مليا ،ثم عاد وابتسم وقال لي :لم تهرب مني أنا قدرك ،
اتبعني أدعوك لتناول فنجان قهوة أو مشروبا باردا ينعش جوفك في هذا الجو
الصيفي الشديد الحرارة ، قلت له : كنت مسرورا منشرح الصدر قبل حين ، أنت
من غير حالي وجعلني كئيبا وحزينا ، رد علي بلهفة : ادخل معي للمقهى ونجلس
سوية و نتحاور بقلب مفتوح ، إن المقاعد في المقهى وتيرة ومريحة ،ولا تحسب
حسابا فأنا من سيؤدي ثمن المشروب ، لا أعرف ماذا أعجبك في هذا المسجد إن
الحصائر بالية مهترئة ، رائحتها تزكم الأنوف من وسخ جوارب المصلين ، غاظني
كلامه النتن ،تملكت أعصابي وكلمته بلطف قائلا : إن المؤذن ينادي لصلاة
العشاء ،و أنا أريد أداء الواجب، ابتسم ورد علي: إن وقت صلاة العشاء طويل
و مفتوح إلى منتصف الليل ، أما وقت المقهى فهو قصير ، ماذا سيحدث لو أخرت
الصلاة إلى ما بعد الجلوس في المقهى ، بعد شرب القهوة السادة المقطرة مع
سيجارة شقراء من النوع الأمريكي ولعلمك إن الصلاة في البيت تطرد الشياطين
،قلت له أنا أطرد الشيطان من البيت و يطاردني في الشارع عند باب المسجد،
مط فمه و قال ، إن الإنسان تسول له نفسه الأمارة بالسوء ارتكاب المعاصي
وعندما يقع في المعصية يمسحها في الشيطان ،إننا في رمضان وفي هذا الشهر
تكبل الشياطين، إن الشياطين بريئة مما تقولون ، قلت : إنك شيطان تتقن
ألاعيب الشياطين تعرف كيف تراوغ و ترد على كل الأسئلة وفي لحظة تعودت من
الشيطان الرجيم ودخلت للمسجد وصليت صلاة العشاء مع الجماعة.
محمد يوب
19/01/05