حوار مع الشيطان

التقيت به عند باب المسجد ، كان يشبهني ، معتدل القامة ،عريض المنكبين ، تعلو رأسه شعيرات من الشيب ، يختلف عني بقرنين صغيرين في مقدمة رأسه ، يتحرك أمامي كظلي ، أميل صوب اليمين يميل معي ، أتحرك صوب اليسار يتحرك معي، أخطو خطوة إلى الأمام يخطو خطوة إلى الخلف .

سألته قائلا : من أنت ؟ رد علي بصمت أنا قرينك، هزني الخوف من تلابيب فؤادي ، شعرت بقشعريرة في جسمي ،دست عليه استدار و اعترض طريقي ،كشر على أنيابه ،فار الغضب من عينيه، لهيب النار يفوح من فمه، هم بالانقضاض علي وطحن عظامي ، توقف وفكر مليا ،ثم عاد وابتسم وقال لي :لم تهرب مني أنا قدرك ، اتبعني أدعوك لتناول فنجان قهوة أو مشروبا باردا ينعش جوفك في هذا الجو الصيفي الشديد الحرارة ، قلت له : كنت مسرورا منشرح الصدر قبل حين ، أنت من غير حالي وجعلني كئيبا وحزينا ، رد علي بلهفة : ادخل معي للمقهى ونجلس سوية و نتحاور بقلب مفتوح ، إن المقاعد في المقهى وتيرة ومريحة ،ولا تحسب حسابا فأنا من سيؤدي ثمن المشروب ، لا أعرف ماذا أعجبك في هذا المسجد إن الحصائر بالية مهترئة ، رائحتها تزكم الأنوف من وسخ جوارب المصلين ، غاظني كلامه النتن ،تملكت أعصابي وكلمته بلطف قائلا : إن المؤذن ينادي لصلاة العشاء ،و أنا أريد أداء الواجب، ابتسم ورد علي: إن وقت صلاة العشاء طويل و مفتوح إلى منتصف الليل ، أما وقت المقهى فهو قصير ، ماذا سيحدث لو أخرت الصلاة إلى ما بعد الجلوس في المقهى ، بعد شرب القهوة السادة المقطرة مع سيجارة شقراء من النوع الأمريكي ولعلمك إن الصلاة في البيت تطرد الشياطين ،قلت له أنا أطرد الشيطان من البيت و يطاردني في الشارع عند باب المسجد، مط فمه و قال ، إن الإنسان تسول له نفسه الأمارة بالسوء ارتكاب المعاصي وعندما يقع في المعصية يمسحها في الشيطان ،إننا في رمضان وفي هذا الشهر تكبل الشياطين، إن الشياطين بريئة مما تقولون ، قلت : إنك شيطان تتقن ألاعيب الشياطين تعرف كيف تراوغ و ترد على كل الأسئلة وفي لحظة تعودت من الشيطان الرجيم ودخلت للمسجد وصليت صلاة العشاء مع الجماعة.

محمد يوب

19/01/05