متى تعودُ خُطاهم ؟ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــوحيد خيون

صاحَ الغرابُ وهم عني قد ارتحلوا
وصاحَ إذ شارَفوا بغدادَ أو وصلوا
قال المؤذّنُ إني لم أصِحْ وَجَلا
كي لا تموتَ .. فهذا قد دَنا الأجــلُ
قامت قيامةُ قلبي إذ ركِبْتُ على
متْنِ الرياحِ ولم تنزِلْ متى نزَلوا
أمْطرتُ كلَّ سَحاباتي على خَشَبٍ
من الأماني فلم ينفَعْ بها البللُ
أقولُ والدّمعُ أحرى أنْ يقولَ لهم
إنّ المدامِعَ مثلَ الزّيْتِ تشْتَعِلُ
هذا المكانُ الذي عِشْنا بهِ وطَراً
قدْ بَدّلَ اللونَ والأستارُ تَنْسَـدِ لُ
هذا الطريقُ الذي كنا نمرُّ بهِ
مُمَزّقٌ سُـبُـلاً .. يا أيها السُّـبُلُ
متى تعودُ خُطاهمْ ؟ أو يعودُ لهمْ
ظِلٌّ على هذهِ الكُثْـبانِ يَنْتـَقِلُ ؟
متى يعودُ لنا عَصْرٌ عَصَفْتِ بهِ
وكانَ قلبي إذا لاقاكِ يرْتـَجِلُ ؟
وكنتُ أركَبُ رأسي حينَ يُحْرِقـُني
حرُّ المَشاعِرِ والأوْهامُ تكْتـَحِلُ

أقولُ يا بَدْرُ قد غابَتْ مواسِمُهُ
قبلَ الأوانِ و دَأْبُ البَدْرِ يَكْتـَمِلُ
متى تعودُ لنا يا كلَّ ما تَرَكَتْ
لنا الليالي ويا كلَّ الذي نَصِلُ ؟
هُزِمْتُ بعدَ تلاشي الرّكْبِ ثانِيَةً
وإنني في تلاقي ريحِها الرّجُل
أعُجُّ وهْيَ تُواسيني بضِحْكَتِها
ويَغْضَبُ القلبُ و هْيَ الصّبْرَ تَنْتَعِلُ
أغدو..أجئُ..أُجاريها .. أُجادِلـُها
أُقِيلـُها وهْيَ ترجوني .. وأنْفَعِلُ
كانتْ بكلِّ مقاييسِ الوفاءِ لنا
أهلَ الوفاءِ ولن يأتي لها بَدَلُ
هُزِمْتُ قبلَ وصولي من سواحِلِها
وكدتُ غيرَ احْتِمالِ الهجْرِ أحْتَمِلُ
لكنني وهْيَ تجفو لم أجِدْ أحَداً
من أجْلِهِ أخْرِقُ الدّنيا وأخْتـَزِلُ
طالتْ همومُ كئيبٍ في حضارَتِهِ
هو الذي يَأسِرُ الدّنيا و يَعْتـَقِلُ
مالي أمُرُّ على الأبوابِ مُرْتَجِفاً
أنا الذي في شُموخي يُضْرَبُ المَثَلُ
مالي أدورُ كعُصْفورٍ بعاصِفَةٍ
فلا وصَلْتُ إليها وهْيَ لا تَصِلُ

هرَبْتُ من وصْلِها من خوفِ فُرْقَتِها
وقلتُ: خوفَ فراقٍ يهربُ البَطـَلُ
وقدْ أسِفْتُ طويلاً وهْيَ واقِفَةٌ
أمامَ عيْني وعنها كنتُ أنْشَغِلُ
يا نرجِساً في الصحارى رغْمَ رِقـّتِهِ
جَرّ الأنوفَ وطافتْ حولَهُ المُقـَلُ
الوردُ يذبُلُ مقطوفاً لِلَيْلـَتِهِ
ولن يموتَ إذا ما يُقْطَفُ البَصَلُ
حَمّلْـتِني جَبَلَ الأشواقِ راكِضَـةً
إلى العراقِ وفوقي جاثِمٌ جَبَلُ
يا ربِّ لا تُنْسِني الأحْبابَ ما افتَرَشوا
ذاكَ الترابَ الذي صلـّتْ لهُ الرّسُلُ
ولا تذَرْني لظنّي أنّهُمْ مَسَحوا
ذِكْري تماماً وحالتْ بيننا دُوَلُ
يا ربِّ لو أنني أُعْطي العراقَ فَماً
لَصاحَ عُدْ لي ومِنّي السّيْفُ والجَمَلُ
ألَسْتُ أفضلَ مِمّنْ فيهِ قدْ حَكَموا
و مالهم في منافي غيْرِهِمْ شُغُلُ ؟
أنا العراقُ أنا.. لا مَنْ أتى طَمَعاً
ويرْتَوي ماءَ (أمْريكا) و يَغْتَسِلُ
أنا الذي أستَحي لو قلتُ يا وطني
ولسْتُ أعرفُ ما نالوا وما أكَلوا

أنا الذي كلُّ حُبي للعراقِ غَدا
لي العراقُ مراماً فيهِ أرتَحِلُ
تظُنّني في المنافي أنْتَشي ثَمِلاً
دوماً عريساً و دهري كلّـُهُ عَسَلُ
يا ربِّ لا تـُنْسِني الأحْبابَ ما بَخِلوا
فلا أفادوا بإيماءٍ ولا سألوا
ليَ النّهارُ ملاذاً أسْتَجِمّ ُ بهِ
حتى يُطِلَّ على ليلِ الشّـتا زُحَلُ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لندن 29- 3- 2010

تعليقات

  1. هرَبْتُ من وصْلِها من خوفِ فُرْقَتِها
    سلمت وسلمت يمناك بهذه القصيدة التي تعيد الذاكرة إلى الشعر العباسي الذي يرفع من ذائقة المتلقي،قصيدة ممتعة بصورها وانزياحاتها اللغوية وهذا ما نريد.
    مودتي لك أخي وحيد مرحبا بك في المشهد الثقافي المفربي
    وهذا ما نريد من خلال هذا الموقع وهو التعارف وقراءة بعضنا البعض وغلق الطريق أمام مسيجي الثقافة.

    ردحذف

إرسال تعليق

شكرا لحضورك واهتمامك