التكامل بين الأمازيغي والعربي في حلة ثقافية أصيلة


تتمة لموسم إدرنان واحتفاء به كعادتها كل سنة ،تقوم جمعية تيمغارين للتنمية والتعاون بمهرجان ثقافي لربيع تيمغارين على مدى ثلاثة أيام من 11/03/2011 إلى 13/03/2011 احتفاء باليوم العالمي للمرأة واليوم العالمي للشعر ..


افتتح الملتقى بتاريخ 11/03/2011 بالمديرية الجهوية شارع الناظور ،حيث اعتبر هذا اليوم البهي عتبة أولية لفقرات متنوعة وغنية بمواد شيقة ودسمة ، أولها تأثيث الفضاء بلوحات تشكيلية ،تنطق بأصباغها ومواضيعها وأشكالها بما لم تقله اللغة ولا يفصح عنه التعبير ،تناغي في ذلك بعض القواعد الأمازيغية الأصيلة الموروثة أبا عن جد ، خاصة فيما يخص استقبال الضيوف ،بالتمر وآملو اللذيذ ..استهل اللقاء بكلمة من قبل رئيسة الجمعية التي عرفت بالجمعية ،وقدمت تفسيرا حول مصطلح اسمها " تيمغارين " حتى يبدو جليا للحضور ،كما عرفت بأهدافها ،وما قدمته من أنشطة تنموية هادفة وبناءة ،مؤكدة أنه مازال في جعبتها الكثير ،وجمعية تيمغارين كما تؤكد هي ملك للمغاربة جميعا أمازيغ وعرب .. تلتها بعد ذلك كلمة المنسقة ونائبة الرئيسة السيدة مالكة عسال رحبت فيها بالضيوف عموما والأدباء خصوصا، وبما أن الاحتفاء باليوم العالمي للشعر ،واليوم العالمي للمرأة ، تم دمجهما معا في هذا اللقاء ،فقد استعرضت في كلمتها التعريف بالشعر ومكوناته ، كما تطرقت إلى وضعيات المرأة عبر العصور ولدى بعض المجتمعات ،لتختم كلمتها مشيدة بأنشطة الجمعية السابقة منها واللاحقة ..



وتعزيزا للمشهد الأدبي قامت نخبة من الشعراء ليدلوا بدلوهم في مدى أهمية اللقاءت والمهرجانات الثقافية ، والمصافحات الحميمية التي تقوي الأواصر بين الأدباء ،وتجدد تعاضدهم وتلاحمهم ،هذا غير تبادل التجارب والتعارف ، حيث تُوج اللقاء بقراءات شعرية توثيقية ...



صبيحة يوم السبت 12/03/2011 كان الحضور الكريم على موعد مع ندوة ثقافية حول المرأة في الشعر المغربي بالمديرية الجهوية شارع الناظور ،تولى إدارتها الدكتور المهدي لعرج حيث قدم نبذة عن الشعر سابقا ،ومدى تفاعل الجمهور مع الشاعر والشعر بكل مكوناته ،إذ كان الشعر هو مقود كل حركة جماهيرية أو ثورية ، سياسية كانت أو اجتماعية ، وموجه حقيقي لأي تيار بمطامحه وتعابيره ..



ثم أعطيت الكلمة للمتدخل إدريس عبد النور نيابة عن الأستاذ والناقد عبد الرحمان الخرشي ،ليقدم باقتضاب شديد دور القول الشعري في الدفاع عن المرأة ،و قدم فصلا هاما في الشعر النسائي وخصائصه البيولوجية والنفسية ثم ختم كلمته أن بيت الأدب المغربي سيعود ببرنامجه القوي بعد فترة استراحة من خلال ندوتين بمحاور متعددة بمكناس ،منهما ندوة حول الثقافة الأمازيغية ،وأمسيات شعرية بالدار البيضاء ،ومهرجان ثقافي بمدينة خريبكة ..وقام الى المنصة بعده الباحث السيد محمد المستوي تحت شعار "أنا مغربي في تداخل أمازيغي عربي " داعيا الكل إلى أن يحتضن لغات ولغات ..ملقيا اللوم على المؤسسات المهتمة التي لم تقم بدورها المنوط بها في هذا المجال ، لكيْ يعرف الجميع هذا التكامل الأمازيغي العربي ،كما شخص أوضاع المرأة في سوس ،وما أنبتته هذه الرقعة القاصية من شواعر وشعراء ..لكن وسائل الإعلام تتجاهلهم بل وتتجاهل مكانة المرأة في كل المناطق النائية وفي ظل ظروف قاسية ، فيتم تهميش دورها في الحياة الاجتماعية.. وأدلى بنماذج شعرية راقية لبعض النابغات اللواتي نهضن نخلات باسقة من بين الصخر ..



المتدخل الثالث هو السيد محمد يوب الذي تسلم دوره ليوضح أن اللغة العربية لحد الآن مازالت ذكورية ، الشيء الذي ألزم المراة الصمت منذ عهود ،ودام سكوتها مدة طويلة بينما الفرصة مفسَحة لأشعار الرجال وظهورهم في ساحة الأدب ،في غياب تام لأشعار النساء ،مؤثثا حلقته بنماذج من الشعر العربي التي تختزل بالمباشر هيمنة الشعر الفحولي ..ثم ختم الشاعر إبراهيم القهوجي المداخلات ،ليقدم تحليلا شاملا عن خاصيات الشاعرة الأنثى التي في الغالب تكتب عن الذات بما فيها صيغة الأم أوالبوح ،أوالتمرد مثريا مداخلته بأمثلة حية من الشواعر المغربيات ، ذاكرا أن اللغة والأنوثة يجتمعان معا لدى المرأة ..



وذيلت الندوة بنقاش واسع وحاد تلامست فيه الأسئلة بالأجوبة مما أثرى الموضوع ..أخيرا ختم الدكتور المهدي لعرج الندوة بالقول ليس هناك إثباتات ولا إحصائات تجسد الاختلاف بين أساليب المرأة وأساليب الرجل ،ولا مميزات خاصة للكتابات النسائية ومسألة التفريق بين الإبداع النسائي والذكوري إنما الخبط خبط عشواء ..



مساء نفس اليوم وبالضبط في فضاء تمازيغت/ الكلم 11



أخذت اللحظة الشعرية ترفل في حلل من القصائد الشعرية بألوانها الشعري العربي والأمازيغي والزجل ، من قبل قامات مغربية طرزت بحرفها الحارق قماش الإبداع تحت إشراف وتسيير الشاعر إبراهيم قهوايجي ..



ومن جملة الأسماء المشاركة :



إدريس عبد النور



ريحانة بشر



أحمد بهيشاوي



المصطفى فرحات



حياة كعبوش



عبد السلام نصيف



حفيظة سيدي عمي



أحمد هشيمي



نعيمة قصباوي



نجاة سرار



حسان الداودي



فري محمد



فتحون عزيز



عبد السلام مصباح



أمهاه عبد الكبير



ابراهيم قهوايجي



محمد الرويسي



مصطفى الهروب



التهامي النجار



ميلودي الثلاثي



أيوب مليجي



رشيدة فقري



حسن ولد المسكين



ترية قاضي



بشرة أجوري



مالكة عسال



ويسدل الستار عن يوم السبت..



ليبزغ يوم الأحد 13/03/2011 بنكهة أخرى غير معهودة تتمة للاحتفاء بموسم إدرنان بفضاء تمازيغت، هذا الفضاء الرحب الذي جمع بين الطبيعي والتقليدي والعصري بديكوراته ، بقطعه الفنية الأثرية الرائعة ،حيث استقبل الطاقم المشرف على الحفل جمهورَه العريض بملابس تقليدية ،فكانت النساء تتموج كالعرائس في لُحُف مزركشة بفصوص بلورية لماعة، وتطريزي مزركش بهي ،وحلي الفضة تبرق على صدورهن وجباههن ..يرفلن بخطاهن في خيلاء ..تجمهَر الناس ليرشفوا من نبع الأصالة حول مجموعة "عَوْد تيزنيت " ،التي كان أعضاؤها من مدينتي الدار البيضاء والمحمدية ،بملابسهم التقليدية البيضاء وكأنهم طيور الجنة ،توسطوا ساحة فضاء تمازيغت تحت نقرات المطر الرقيقة ، وهبات النسيم الرخي ،وبين فستائل النباتات الخضراء، ليراقصوا مكونات الطبيعة الخلابة ،فيسكرون الحضور بطربهم الأمازيغي بألوانه الشجية ،ودقات الدف التي تهز الأعماق ، تصاحبها ألحان أمازيغية وحركات منسجمة وفق الإيقاع ...وفي الزاوية الأخرى نقش الحناء ، ومائدة من التمر وأملو وبعض الفواكه الجافة ، والرقاق وبعض أصناف ماتجود به الأصالة الأمازيغية ،كما كنت فرقة "أمين"العصرية في الناحية الأخرى بقاعة عصرية فضفاضة بكل ماتحمله من أثاث عصري وطنافس نفيسة رائعة ،وستائر شفافة تتجمع أذيالها بمجادل حريرية خلابة ،زينت جدرانها بلوحات تشكيلية ساحرة ،ونثرت في أرجائها باقات الورود ..



وهكذا اختتم المهرجان في شكله البهي تتعانق فيه الأصالة بالمعاصرة ،والشعر العربي بالأمازيغي ،فينصهرالكل ليعطينا ثقافة متنوعة متكاملة ..



بتاريخ 13/03/2011

مالكة عسال

تعليقات