كنتُ أجئ إليهَا صُحْبة أمّي
هَذِي الدّارْ ..كانتْ مَلئى بالأزهَارْ
مَلئى بالحَلوى..بالأطفال
وبالأنوَارْ
وأنا كنتُ صَغيرا..أجْري بيْن مَرابعِهَا
أتسَللُ بيْن مَنافِذهَا مثلَ الفارْ
لمّا كنتُ صَغيرا..
والجَدّة مَاكانتْ تنهَرنِي
كلا ..كلا كانتْ تحْضُننِي
تعْطِيني كسْرة خبْز مَلئى بالزيْتون ِ
وتحْضننِي
آاااااهٍ..الجدّة مَاتتْ ..
مَاتتْ لمّا كنتُ صغِيرا
فتجَرّعْتُ أنِين الفقدِ
وصِرتُ يَتيمَا ..
فِي قلب الدّارْ ..كانتْ أمّي فِي جَمْع الأسْرةِ
دَائِمة البَسْمةِ..
يَغمُرها فرحٌ رائِعْ
كانتْ...
عيْنٌ مِنها بيْن النسْوةِ
عَيْنٌ مِنها ترقبنِي حَتى لا يَأخذنِي الشارعْ
لكِن..
آاااااهٍ.. أمّي ..مَاتتْ أيْضا
صِرتُ وَحِيداً فِي هَذا الزمَن الضّائِعْ
-
هَذِي الدّارْ ...أذكرُهَا...
فِي يوْم العِيدْ.. كنا، نحْنُ الأطفالْ،
نبْدُو مْثل الأمَراءْ
فِينا المُتوسّط..فِينا الفقراءْ
لكِنْ كنا نبْدُو مِثل الأمَراءْ
كنا نزجي أوْراق الزمَن الحَالمِ
فِي فرح وشرَاءْ
ونجُوب الدّنيا كلّ الدّنيا
مِن صُبح لمَساءْ
آاااهٍ ..هَذي الدارْ ..
كمْ كانت تفرحُني
كمْ كانتْ تفرحُني..
-
لكِنْ ..فلماذا الآنْ..
ولقدْ مرّتْ سنواتْ
جئتُ إليْهَا
فشعَرتُ كمَا لوْ كانتْ تجْرحُنِي..
الجدْرانُ بهَا ثكلى
وشبَابيكُ نوافِذهَا قتلى
ورَنينُ زمَان الماضِي يعْزف لحْنـَا
تثقلهُ الحَسراتْ..
كلّ الأشيَاء الحُلوةِ وَاااااااأسفي شاختْ..
حَتى النظراتْ..
أيْن صَبايَا الحَيّ، وَكنّ هُنا ،؟
أيْن الضحَكاتْ..؟
وحْدهُ بعْضُ حَمَام وَبأعْلى القِرمِيدِ
يُراقبنِي فكمَا لوْ أنهُ يذكرُنِي،
يَذكرُ طِفلا كانَ يُهئُ فِي كفيْهِ
بُذورَ القمْح..
تجئُ جُمُوع ُالطيْرفتنقرُهُ
تِكْ.. تِكْ.. تِكْ..
ثمّ توَدّعهُ وتطـِ~ ~ ~ ~ـيرُ..بَعيداً
أتأمّلُ كفي فأرَاهُ مليئا بالقبُلاتْ..
يَاروْعَة تِلكَ اللحَظاتْ
كيْف مَضَتْ..
أوّاه...
هَلْ فِعْلا مَرّتْ سنواتْ..؟
وَأنا الآنَ أعُودُ لِهَذِي الدّارْ..
مَكسُور البَالِ
ومَكدُودالحَالِ
والدّارُ تذكرُني فتقتلنِي
أشعُرُ أني صِرتُ بقايَا عِشق وَفتاتْ
فلمَاذا كبُرتْ أيّامِي
ولِماذا قتلتْ أيّامِي أحْلامِي
ولمَاذا أحْلامِي صَارتْ أوْهَامِي
ولمـَـ ـ ـ ـا اذا...
ترَكتنِي شلواً مُلقى بيْن تراب ورُفاتْ ؟
آهٍ لمّا أقرأ سِفرَ الذاتْ
كيْف يَصيرُ رَماداً
تحْت رَصَاص الزمَن العَاتْ..
تغمُرنِي شهْقة حُزنِي
فأردّدُ فِي صَمْتي:
يَـــــــــــــــاربّ..هَلْ أمْلكُ
أنْ أوقفَ فِي بَندُول الزمَن الخطواتْ؟
هَلْ أمْلكُ أنْ أرسُمَ وَجْهَ الزمَن المَاضِي
فِي لوْح الزمَن الآتْ؟؟
هَلْ أمْلِكْ؟؟
يَاربّ..أعْلمُ أنـّي
لاأمْلِكُ ..لكنـّي
أمْلكُ أن أغرَق بيْن يديْكَ
حَزينا فِي بحْر الدّمعاتْ
يَغمُرنِي حُزنِي
فأصَلي..وأصَلي ..وأصَلي
حَتى أشعُرَ أنّ الطفلَ بأعْمَاقِي
عَادَ إلى حِضنِي
مَمْلوءاً بالأشوَاق ِ
مُنشرحَ الوَجْهِ ..
جَميلَ القسَمَات ِ.

تعليقات
إرسال تعليق
شكرا لحضورك واهتمامك