نسّاجٌ .. هذا الليّل


- الطاهر لكنيزي –

اللّيل نصيرُ الأحلامِ المَهْزومَةِ
حين تلوذ بِفرْعه رافلة في خَيْبتها
لوْ أوْرَقَتِ الأشْجانُ بِقلب القلب
ورَشْرشها الْكَروانُ على الشّفق المُبْتلّ
فَدَعْ أحْلامَكَ تَسْكُنُهُ
لِتَهيلَ على كتفيه ضفائِرَ من كمد
سَيُقَطّرُ في الأعْماقِ
بِإنَبيقِ الآمال
رياحينَ الْفرح الْمُخْضَلّ
يُدَثّرُ رَعْشَةَ سَوْسَنِها الْمَقْرورِ
بِلَمْسَةِ أُمٍّ
يلقمها الْحِيَل النّجلاء بلا عدد
بالْحُبِّ ، بِهَدْهَدَة عذراء
يُسبّخ وقْدةَ حَسْرَتِها الْعَيْطاء
بِوَهْمٍ عُكّازِيٍّ
يُسْنِدُ خُطْوَتها الْعَرْجاء إذا زَلّتْ
يجْثثُّ أرومَةَ يأْسٍ خنّاس
من تُربةِ نكْستها
يسْتأصلُ أورامَ الإحباط
يخيطُ فُتوقَ الوقت السّائحِ
عَبْرَ خُرومِ كنانتها بأنامل " بّينيلوبْ "
لَوْ ألْقَتْ ما في جعْبَتِها وتَخَلّتْ
بالْحِكَم القزحيّة من أحوال النّاس
يزنّرها
فَتنوسُ على شطّ الأمل المعْسولِ
يُطارِحها نَخْبَ النّصر الموعودِ
يُجيّشُها أسرابا أسْرابا
كالنّملةِ
ذاتَ هزيمَة ذي الْقرْنيْن
يُلقّنها درسا في الْكرّ
كطارق يُشعل في أذيال البحر
كِلا الأمرَيْن
فتشمخُ صخرَة ليلى حينئذ
بل ندْهتُنا المسكوبة بين قباب مآذننا
هل قلتُ بأندلس ؟
عفوا ،قد داعَبني التاريخ
وفي نفسي شيء من جغرافْيا الأسلاف
أموت فيحيا في خطراتِ يراعي
لَسْتُ سِوى " سيزيف " ،
أدحرجُ أيّامي العجفاء على عجل
تتذوق مِلحَ دمي
أتشمّم نَفْح خِيانتها
كالطّفل ، أحرّر قَهْقهة من فخّ فمي
نَسّاج هذا الّليل
وذو ألقابٍ أُخرى في خلَدي
أولَمْ يَخصف ، قَصْداً ورق الديجور
على أقمار خطايانا المصلوبَةَ
تحت شموس وقاحَتنا ؟
سَلّمْه إذن ، و بلا خجَل ، أحلامَك عاريةً
لن تندم يا ولدي !
من مِرّةِ عزمِه يَجْدل خفْقَ جناحيها
لِتحلّقَ فوق خسارَتها ما طاب لها التحْليقُ
على قلق الغسق المنهوك
تُريحُ قوادمها
لن تُنكِرَ سِرّ جريرتها
كأميرةِ " تيبةَ "
تسْتبق القدر الْملغوم ، بإصْرار
يُجلّلها سَحَرٌ ساج
لن ينشُرَ عطرَ بكارتها إلا سِرُّ الأسرار
إذا الأحلامُ أتتْكَ مُطهّمَةً
فتسنّمْ ضربَة حظّ وهّاج
لا تَنشُدْ إلاّ فجرا أفّاقاً
ما برِحت للنّبضِ معاذره .

تعليقات