تقديم لابد منه
قد يصعب الحديث عن عمل قصصي لأديب أريب وصديق قريب،إنه الأديب محمد محقق الذي ينعته الأصدقاء بالتوأم لأنه يرافقني دوما في جميع اللقاءات و الندوات وعرفت معه أيام وذكريات لاتنسى أبدا.
محمد محقق أديب متعدد المواهب تجد فيه القاص و الشاعر و الناقد... الذي يتتبع المشهد الثقافي العربي عن قرب من خلال قراءاته المتعددة و الرصينة لكل ما يستجد من كتابات أدبية وفكرية،إنه الأديب الذي تسبقه الابتسامة وروح النكتة تشعر به وكأنه طفل كبير على وجهه براءة الإنسان التي فطره الله عليها.
في عمق العمل القصصي
عندما قرأت المجموعة القصصية للقاص المغربي محمد محقق الموسومة ب"خيوط متشابكة"وجدت فيها نضجا فنيا وعمقا فكريا لما تضمنته من معاني ودلالات ،تغوص بالمتلقي في عمق المشاعر الإنسانية الحساسة، تشعر بصاحبها يحمل رؤية إلى العالم ،رؤية تنطلق من الماضي لمعرفة الحاضر والتنظير للمستقبل في إطار نظرة شمولية،تعبر عن نضج فكري،ومخزون معرفي يساهم بدوره في الرفع من الذائقة القرائية وإضافة نقلة نوعية في المشهد الثقافي المغربي خاصة و العربي عامة.
ففي كثير من القصص القصيرة جدا نجد القاص محمد محقق يعتمد تقنية الميكروسرد حيث القصة الواحدة تكون أبلغ وأعمق من رواية لما تتضمن من عمق فكري ورؤية إلى المحيط الخارجي والإنساني عامة.
إن القاص محمد محقق يسلك نهجا قصصيا جديدا يختلف شكلا ومضمونا،يحاول من خلاله رصد الواقع ومتغيرات المحيط الخارجي وحدود النفس الإنسانية، دون إعطاء الحلول،بل يترك للقارئ إمكانية التخمين في حلول تتلاقى ومتخيله،بل نجده في كثير من الأحيان يدخل المتلقي في تطريز و تأثيث فضاء قصصه،وذلك من خلال ترك فجوات ضيقة يتدخل فيهاالقارئ لملء البياض و الفراغ الذي يتركه القاص عندما يريد أخذ قسط من الراحة.
و الملاحظ كذلك في هذه المجموعة القصصية هو قدرة القاص محمد محقق على تطوير القصة القصيرة جدا بأن جعلها متداخلة مع أجناس أخرى أدبية كموسيقى الشعر وحكي الرواية وحوار المسرحية ومشاهد اللقطة السينمائية،كما لاحظت في هذه المجموعة القصصية دقة القاص في اختيار الألفاظ المناسبة دون حشو أو إطناب،لأن القصة في نظره جنس أدبي يعيش و يتنفس في إطار علائقي مع الفنون الأدبية الأخرى,ولهذا نجده يركز على المحمول أكثر من اهتمامه بالحامل،وكلما كان الحامل مركزا كلما كان المحمول بليغا ودالا.متمنياتي لك أخي محمد بالتوفيق في هذا المشروع الأدبي ،وأترك للقارئ المجال للتعليق و إبداء الرأي.
محمد يوب

تعليقات
إرسال تعليق
شكرا لحضورك واهتمامك