برنامج مسار و الضجة المفتعلة


من طبيعة الانسان المغربي أنه متعاطف ومتسامح وبسهولة ينجر وراء الكلام العاطفي الذي يدغدغ المشاعر،وهذا مالاحظناه مؤخرا إثر الضجة الكبيرة التي أثارها برنامج مسار الذي اعتمدته وزارة التربية الوطنية.
فالمتتبع للشأن التعليمي ببلادنا،والقريب من الميدان يعرف بأن هذه الضجة المحمومة تقف وراءها بعض الجهات الرافضة لإصلاح التعليم،وضدا في برنامج مسار الذي كشف وسيكشف أكثر مجموعة من الاختلالات المفتعلة التي الغرض منها بقاء التعليم العمومي على حاله متخلفا ،و إفساح المجال لأباطرة المدارس الخصوصية للفتك بالمواطنين المغاربة  التي التهمت جيوبهم نار التعليم الخصوصي و مصيبة الساعات الاضافية.
إن برنامج مسار في الحقيقة برنامج يهدف إلى خلق الشفافية في مجال التعليم وسيعمل على كشف كثير من الأفكار المغلوطة عن رجل التعليم و سيوحد الجهود بين التلاميذ سواء الذين يدرسون في التعليم العمومي أو الذين يدرسون في التعليم الخصوصي،بعدما كان التلاميذ في المدارس الخصوصية تنفخ لديهم نقط المراقبة المستمرة لأهداف في نفس التجار الذين ينتفعون من وراء أنبل مهنة وهي مهنة التعليم ،إنهم يتاجرون بمستقبل أبنائنا التعليمي،و يستنزفون أموال المواطنين بدون وجه حق،لقد ألبسوا التعليم الخصوصي لباسا لايليق به، بعدما كان هذا النوع من التعليم لا يتوجه إليه إلا الكسالى و المطرودين من المدارس الحكومية،لقد أصبح اليوم مثالا يحتدى وأصبح كذلك مفخرة بين الأسر المغربية.
إن برنامج مسار في بداياته الأولى وهو كباقي البرامج التكنولوجية يحتاج إلى وقت للتأقلم مع آليات اشتغاله ،فهو مشروع حضاري يواكب مستجدات الحياة ويتماشى مع مقتضيات العصر ومتطلباته،ففي السنة القادمة سيعمل هذا البرنامج على توحيد استعمالات الزمن وتوزيعها بشكل متساو بين الأساتذة،لا يميز بين أستاذ وآخر، وبهذا سيقطع الطريق على بعض المنتفعين من ريع الادارة ومن فوائدها،كما أن هذا البرنامج سيمنح أولياء الأمور فرصة الاطلاع على السير الدراسي لأبنائهم، وذلك بمعرفة نقط المراقبة المستمرة أولا بأول و نقط الاختبارات الموحدة، والاطلاع كذلك على ساعات الغياب في حينها و التعرف على المراسلات دون انتظار للوسائل الأخرى البطيئة التي كانت معتمدة قديما كالمراسلات عن طريق  البريد العادي.
إن المدرسة العمومية في أمس الحاجة إلى تضافر الجهود من أجل إخراجها من عنق الزجاجة وإعادة التعليم العمومي إلى الطريق الصحيح ووضعه على سكته  الحقيقية التي كان يسير عليها،والتي تخرجت بفضلها أجيال كثيرة ومتعددة من العلماء و الباحثين.
لابد من الوقوف مليا أمام مأساة التعليم العمومي ببلادنا لأننا جميعا مسؤولون عن هذا التدني في المستوى التعليمي و التربوي،ينبغي علينا جميعا تحمل المسؤولية أمام أنفسنا وأمام التاريخ مادام لدينا الفرصة لإنقاذ ما تبقى من هذا الصرح التعلميي،وإلا سيأتي يوم نندم فيه على ما أنجزه أسلافنا من مزايا ومن إنجازات تحققت في عهدهم واستفادت منها الأجيال اللاحقة،أتساءل ماذا سنترك نحن المسؤولين على التعليم، وزارة وأساتذة وإداريين لأبنائنا؟؟
محمد يوب